کد مطلب:352785 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:267

مقتل الخلیفة عثمان
لقد أثیر كلاما كثیرا حول مقتل الخلیفة عثمان، وتضاربت الأقوال والروایات فی ذلك، وخصوصا بما یتعلق بالفئة التی كانت تحرض علی قتله، والأسباب التی كانت تدفعهم لذلك الأمر، وبلوغ تلك الأحداث ذروتها بمقتله. علی أن أرجح التفسیرات لذلك تكمن فی الممارسات علی صعید سدة الحكم، وتعیین الولاة من أقرباء الخلیفة عثمان وصرف الأموال لهم من خزینة الدولة الأمر الذی أثار ضده ملامة اللائمین وثورات الثائرین. یقول الكاتب المعروف خالد محمد خالد: " بل لا نكاد نشك فی أن عثمان كان یدرك أیضا أن أكثر الذین رحبوا باختیاره للخلافة لون علی كرم الله وجهه... إنما فعلوا ذلك رغبة منهم فی الانعتاق من تزمت الحیاة وتقشف المعیشة اللذین طالت معاناة الناس لهما، واللذین سیفرضان عناء هما من جدید لو تسنم الأمر علی بن أبی طالب الذی كان بمنهجه الصارم وعدله المكین وتقشفه وورع هی مثل امتدادا لصرامة عمر وعدله وتقشفه وورعه... " [1] .

وقد لعبت أیادی أقرباء الخلیفة عثمان من بنی أمیة بأموال الدولة للدرجة أن البعض یعتقد بأن الدولة الأمویة بدأ حكمها منذ اختیار الخلیفة عثمان ومبایعته، وهذا أبو سفیان یؤكد هذا الرأی أیضا بقوله للخلیفة عثمان بعد أن عقدت البیعة له: " یا بنی أمیة تلقفوها تلقف الكرة، فوالذی یحلف به أبو



[ صفحه 63]



سفیان ما زلت أرجوها لكم، ولتصیرن إلی صبیانكم وراثة " [2] وفی روایةأخری: " تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار " [3] .

وكان من ضمن الذین اعترضوا علی الخلیفة عثمان فضلاء الصحابة أشهرهم: كأبی ذر الغفاری، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن یاسر، حیث وقف منهم الخلیفة موقفا متشددا، وأجری علیهم عقابا مریرا. فأما أبو ذر فقد لاقی النفی إلی الربذة عقابا له بسبب اعتراضه علی معاویة - وإلی الخلیفة علی الشام - فی كنزه للذهب وتبذیره للمال علی حساب بیت مال المسلمین. فعن زید بن وهبة قال: " مررت بالربذة فإذا أنا بأبی ذر رضی الله عنه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاویة فی - (والذین یكنزون الذهب والفضة ولا ینفقونها فی سبیل الله " -. قال معاویة: نزلت فی أهل الكتاب. فقلت: نزلت فینا وفیهم. فكان بینی وبینه فی ذلك، وكتب إلی عثمان رضی الله عنه یشكونی. فكتب إلی عثمان: أن أقدم المدینة فقدمتها: فكثر علی الناس حتی كأنهم لم یرونی قبل ذلك. فذكرت ذلك لعثمان، فقال لی: إن شئت تنحیت فكنت قریبا. فذاك الذی أنزلنی هذا المنزل، ولو أمروا علی حبشیا لسمعت وأطعت " [4] .

وأما عبد الله بن مسعود صاحب بیت المال فی الكوفة، فقد لاقی كسرا فی أضلاعه بعد أن ضربه غلام عثمان عقابا بسبب اعتراضه علی الولید بن عقبة بن أبی معیط - أخو الخلیفة عثمان لأمه ووالیه علی الكوفة بعد عزله لسعد بن أبی وقاص - لأخذه (ابن أبی معیط) مالا من بیت مال المسلمین دون إرجاعه [5] .

وأما عمار بن یاسر، فقد لاقی الفتق نتیجة للضرب المبرح من غلام



[ صفحه 64]



عثمان عقابا له لصلاته علی ابن مسعود ودفنه دون إعلام الخلیفة عثمان بذلك. إلا أن عمار فعل ذلك بوصیة من ابن مسعود حتی لا یصلی علیه الخلیفة [6] !وغیرهم الكثیرین ممن اعترضوا علی تبذیر أقرباء الخلیفة من بنی أمیة لأموال الدولة العامة، فمروان بن الحكم مثلا أخذ لوحده خمس خراج إفریقیا! وراجع المزید عن الخلیفة عثمان من كتاب " خلافة وملوكیة " للعلامة المودودی. وقد كان لغضب أم المؤمنین عائشة (رض) واعتراضها علی الخلیفة عثمان، بل وتحریضها علی قتله بقولها: " اقتلوا نعثلا فقد كفر " [7] بعد أن اتهمته بتغییر سنة النبی صلی الله علیه وآله ما عمل علی ازدیاد الثورة ضده، فاجتمع علیه كثیر من أهل المدینة مع القوم الذین وصلوا من مصر والشام والكوفة، فقتلوه.


[1] خلفاء الرسول لخالد محمد خالد ص 276 ط الثامنة.

[2] تاريخ الطبري، المسعودي، ابن الأثير، الإستيعاب.

[3] ابن الأثير، المسعودي، تاريخ الطبري.

[4] صحيح البخاري ج 2 ص 278 كتاب الزكاة.

[5] البلاذري في أنساب الأشراف، الواقدي، تاريخ اليعقوبي.

[6] شرح ابن أبي الحديد، تاريخ اليعقوبي.

[7] الطبري ج 4 ص 277 ط القاهرة 1357 ه‍، النهاية لابن الأثير وغيرها.